بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الخميس، 10 يناير 2013

180- حديث كسرى

حكى القَاضِي أَبُو بكر الْحِيرِي أَن شَيخا من الصَّالِحين حكى أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم، قَالَ، فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك قلت: ولدتُ فِي زمن الْملك الْعَادِل، وَإِنِّي سَأَلت الْحَاكِم أَبَا عبد الله عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا كذب، وَلم يقلهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لي: صدق أَبُو عبد الله.

المصدر : [ طبقات الفقهاء الشافعية 1/ 203]

قلت - رحم الله والدي-:
المنام ذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" [1271] عند كلامه على حديث: ولدت في زمن الملك العادل، قال: لا أصل له، وقد قال أبو سعد ابن السمعاني الحافظ: سمعت أبا أحمد السنجي بمرو يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد الحافظ يقول: سمعت الزكي أبا عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي يقول: سمعت محمد بن عبد الواحد الأصبهاني قال: يحكى ... وذكر القصة 
وزاد: وقال الحليمي في "الشعب": إنه لا يصح, وإن صح فاطلاق العادل عليه لتعريفه بالاسم الذي كان يدعى به. لا لوصفه بالعدل والشهادة له بذلك، بناء على اعتقاد المعتقدين فيه أنه كان عدلاً كما قال تعالى " فما أغنت عنهم آلهتهم " أي ما كان عندهم آلهة، ولا يجوز أن يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحكم بغير حكم الله عادلاً، انتهى 
وما يحكى عن الشيخ أبي عمر ابن قدامة الحنبلي مما أورده الحافظ الزين ابن رجب في ترجمته من طبقات الحنابلة أنه قال: قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولدت في زمن العادل كسرى، لا يصح لانقطاع سنده، وإن صح فلعل الناقل للحكاية لم يضبط لفظ الشيخ, وإن ضبط الحكاية والله الموفق.
وقال العلامة الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" [997]: ولدت في زمن الملك العادل, باطل لا أصل له., وذكر المنام ...وقال: والمنامات وإن كان لا يحتج بها، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما وافق نقد العلماء وتحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم والنهى.

تتميم: الحكاية التي أشار إليها السخاوي عن الحافظ ابن رجب هي في "ذيل طبقات الحنابلة" (3 / 118) قال: 
قال أبو المظفر: وكراماته كثيرة، وفضائلة غزيرة، فمنها: أني صليت يوم جمعة بجامع الجبل, في أول سنة ست وستمائة، والشيخ "عبد الله اليونيني" إلى جانبي، فلما كان في آخر الخطبة وأبو عمر يخطب نهض الشيخ عبد الله مسرعا، وصعد إلى مغارة قريبة وكان نازلا بها، فظننت أنه احتاج إلى الوضوء، أو آلمه شيء, فلما صليت الجمعة صعدت وراءه، وقلت له: خير، ما الذي أصابك, فقال: هذا أبو عمر، ما تحل خلفه صلاة، قلت، ولم؟ قال: لأنه يقول على المنبر ما لا يصلح, قلت: وما الذي يقول؟ , قال: قال الملك العادل وهو ظالم, فما يَصْدُق وكان أبو عمر يقول في آخر الخطبة: اللهم أصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب، فقلت له: إذا كانت الصلاة خلف أبي عمر لا تصح، فيا ليت شعري خلف من تصح؟ , وبينا نحن في الحديث، وإذا بالشيخ أبي عمر قد دخل ومعه مِئزر، فسلم وحَلَّ المِئزر، وفيه رغيف وخياراتان، فكَسَر الجميعَ، وقال: بسم الله، الصلاة. ثم قال ابتداء: قد جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولدت في زمن الملك العادل كسرى " فنظر إلى الشيخ عبد الله: وتبسم، ومد يده فأكل, وقام أبو عمر فنزل, فقال الشيخ عبد الله: ما هذا إلا رجل صالح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق