بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الخميس، 10 يناير 2013

179 – ذم علم الكلام

[ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ]: نقل الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد السهروردى, وحدثنيه عَنهُ الشَّيْخ عز الدّين عبد الله بن أَحْمد بن عمر الفاروثي أَنه سمع هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ, ووجدتها معلقَة بِخَط الشَّيْخ موفق الدّين أبي مُحَمَّد بن قدامَة المقدسى, قَالَ السهروردى :
كنت عزمت على أَن أَقرَأ شَيْئا من علم الْكَلَام, وَأَنا مُتَرَدّد هَل أَقرَأ "الْإِرْشَاد" لإِمَام الْحَرَمَيْنِ, أَو "نِهَايَة الْإِقْدَام" للشهرستاني, أَو كتاب شَيْخه, فَذَهَبت مَعَ خَالِي أبي النجيب, وَكَانَ يصلى بِجنب الشَّيْخ عبد الْقَادِر, قَالَ: فَالْتَفت الشَّيْخ عبد الْقَادِر, وَقَالَ لي: يَا عمر, مَا هُوَ من زَاد الْقَبْر, مَا هُوَ من زَاد الْقَبْر, فَرَجَعت عَن ذَلِك
فَأخْبر أَن الشَّيْخ كَاشَفَهُ بِمَا كَانَ فِي قلبِه, وَنَهَاهُ عَن الْكَلَام الَّذِي كَانَ ينْسب إِلَيْهِ القشيرى وَنَحْوه

المصدر : [ الاستقامة 1 /86 ]

قلت - رحم الله والدي-:
صدق الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله, وقبله صدق الإمام أحمد رضي الله عنه حين قال: " ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح", فعلم الكلام علم لا ينفع, وليس من زاد القبر, ولا زاد المعاد والآخرة, والحكايات عن أساطين هذا العلم وكباره في التبرؤ والتنصل منه كثيرة وفيرة, وروي في ذلك أخبار مذكورة, واشعار مسطورة
ومما يستحسن ذكره هنا ما أورده الحافظ ابن رجب في "ذيل الطبقات" [2/309] عند ترجمة الشيخ أبي الفرج صدقة بن الحسين البغدادي الحنبلي/ت573 هـ, وهو ممن قرأ علم الجدل والكلام والمنطق والفلسفة, قال فيها: ذكر "ابن النجار" عن علي الفاخراني الضرير، قال: رأيت "صدقة الناسخّ" في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟, قال: غفر لي بعد شدة، فسألته عن علم الأصول. فقال: لا تشتغل به، فما كان شيء أضر علي منه، وما نفعني إلا خمس قصيبات - أو قال: تميرات - تصدقت بها على أرملة. 
قلت [ ابن رجب ]: هذا المنام حق، وما كانت مُصيبتُهُ إلا من علم الكلام, ولقد صدق القائل: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح, وبسبب شُبَهِ المتكلمين والمتفلسفة كان يقع له أحيانا حيرة وشك، يذكرها في أشعاره، ويقع له من الكلام والاعتراض ما يقع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق