بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

السبت، 15 ديسمبر 2012

144- المتفق المفترق من الأسماء والأنساب


سمعت الحافظ أبا بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي يقول: سمعت الحافظ أبا موسى بأصبهان يقول: سمعت أبا عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء ببغداد يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي يقول: قرأت بخط القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال: 
حججت سنةً, وكنت بمنى أيام التشريق, فسمعت مُنادياً ينادي: يا أبا الفرج, فقلت في نفسي: لعله يُرِيدني، ثم قلت: في الناس خلقٌ كثيرٌ ممن يكنى أبا الفرج, فلعله ينادي غيري، ولم أُجِبه. 
فلما رأى أنه لا يجيبه أحدٌ نادى: يا أبا الفرج المعافى, فهممت أن أجيبه، ثم قلت: وقد يَتَّفِقُ من يكون اسمه المعافى, وكنيته أبو الفرج، فلم أجبه. 
فرجع فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني, فقلت: لم يَبْقَ شكٌ في مناداته إياي, إذ ذكر اسمي, وكنيتي, واسم أبي, وما أنسب إليه، فقلت له: ها أنا, فقال: ومن أنت؟ ,فقلت: أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني 
فقال: فعلك من نهروان الشرق, فقلت: نعم، فقال: نحن نُريد نهروان الغرب ! 
فعجبتُ من اتفاق الاسم, والكنية, واسم الأب, وما انتسب إليه، وعلمت أن بالغرب موضعاً يعرف بالنهروان غير نهروان العراق.

المصدر : [ ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 1/ 465]

قلت - رحم الله والدي-:
قال ياقوت في "معجم البلدان" : معجم البلدان[5 / 324]: نَهْرَوانُ, وأكثر ما يجري على الألسنة بكسر النون, وأورد القصة أيضا, وقال فيها: [ المغرب ] بدل: [ الغرب ]
والمعافي بن زكريا بن يحيى النهرواني الجَرِيري - بفتح الجيم نسبة إلى ابن جرير الطبري- المعروف بابن طرارة /ت390 هـ, ترجم له ياقوت في معجمه [6 /2702] فقال: كان من أعلم الناس بفقه مذهب ابن جرير, والنحو واللغة, وفنون الأدب والأخبار والأشعار ...صنف كتاب "الجليس والأنيس" في الأدب, و"التفسير الكبير", ونصر مذهب ابن جرير الطبري, ونوّه به وحامى عنه
ومما ذكر أيضا: قال أبو حيان التوحيدي: رأيتُهُ في جامع الرصافة وقد نام مُستدبر الشمسَ في يَوْمٍ شَاتٍ, وبه من أَثَرُ الفقرِ والبؤسِ والضرّ أمرٌ عظيمٌ، مع غزارةِ علمه, واتِّسَاعِ أدبه, وفضلهِ المشهور, ومعرفتهِ بصنوفِ العلم، سِيمَا علم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلا أيها الشيخ وصَبراً، فإنك بعينِ اللهِ, ومَرأَى منه ومَسمَع، وما جَمَعَ اللهُ لأحد شَرَفَ العِلمِ وعِزَّ المالِ، فقال: ما لا بُدَّ منه من الدنيا فليس منه بُدُّ, ثم قال:
يا مِحنةَ الدهرِ كُفِّي ... إن لم تُكُفِّي فَخِفِّي
قد آن أن ترحمينا ... من طول هذا التَّشَفِي 
طلبتُ جَدًّا لنفسي ... فقيل لي قد تُوفي
فلا عُلومي تُجدِي ... ولا صناعةَ كَفِّي
ثَورٌ ينالُ الثُّرَيَّا ... وعَالِمٌ مُتَخَفِّي[ قلت ]: "الجليس والأنيس" واسمه الكامل: "الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي" كتاب حديث وأدب وأخبار وفوائد, من أجل وأمتع ما صُنف في بابه وهو بالأسانيد, طبع في أربع مجلدات في دار عالم الكتب 1413 هـ بتحقيق موسى الخولي وإحسان عباس/ رابط تحميله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق