بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

السبت، 15 ديسمبر 2012

139- الهيشة واستحضار عجيب



باب بن أحمد بيب بن عثمان بن سيدي محمد بن عبد الرحمن بن الطالب الشنقيطي، ويقال له الطالب محم

من عجيب استحضاره، أنه في "وقعة لمليح"، بين "إدوعل", و"إذا بلحن" [ قبيلتان ]، سعت بينهم وُفُود الزوايا في الصلح، فتراضَوا بحكم الشرع، وحكموا بحكم الشرع، وحَكَّمُوا عالما دِيمانيا, فاستظهر أن يقتل أربعة من " إدوعل " ، بأربعة من "إدابلحسن", قُتِلوا في تلك المعركة
فقال صاحب الترجمة : إن مثل هذا لا قصاص فيه, فقال القاضي: إن هذا لا يُوجد في كتاب، فقال: هو لم يَخْلُ منه كتاب, فقال القاضي: هذا القاموس، يعني إنه يدخل في عموم كتاب، فتناول صاحب الترجمة القاموس, وأول ما وقع نظره عليه:
" والهَيْشَة الفتنة, وأم حبين، وليس في الهيشات قَوَد، أي في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله "
فتعجب الناس من مثل هذا الإستحضار، في ذلك الموقف الحَرِج.

المصدر : [ الوسيط في تراجم أدباء شنقيط ص: 37 ]

قلت- رحم الله والدي -:
قال في القاموس المحيط [1 / 610/ مادة ه و ش ]: والهيشة: الهوشة، والجماعة المختلطة، والفتنة، وأم حبين, وليس في الهيشات قود, أي: في القتيل في الفتنة، لا يدرى قاتله.اهـ ,وقال أيضا: وأم حُبَيْن، كزُبَيْر: دُويبة وربما دخلها أل، وبحذفها لا تصير نكرة
ومما جاء في المسألة في كتب أهل العلم, ما ذكره العلامة ابن رشد الجد في البيان والتحصيل [15 / 519]: هذا مثل ما في الأثر من كتاب الجهاد من المدونة من قول ابن شهاب: هاجت الفتنة الأولى فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فكانوا يرون أن يهدر أمنُ الفتنة, فلا يقام على أحد قصاص, ولاحد في سبي امرأة مُسَّت, ولا يُرى بينها وبين زوجها مُلاعنة, يريد إن نَفَى ولدها, ولا يرى أن يقفوها أحد إلا جلد الحد، ومثله روى مطرف وابن الماجشون عن مالك, أنه لا يقتل به, ولا يقاد منه, ومن أهل العلم من يرى أنه يقاد به ويقتص منه، وهو قول أصبغ, ومذهب عطاء، وهذا الاختلاف في القصاص منه سواء تاب, أو أخذ قبل أن يتوب، ولا يقام عليه حد الحرابة وإن أخذ قبل أن يتوب, ولا يؤخذ ما أخذ من المال وإن كان موسرا, إلا أن يوجد بيده شيء بعينه فيرد إلى ربه، وأما من أوسر منهم في الحرب وهي قائمة لم يظهر بعدُ على أهل رأيه فللإمام أن يقتله إن رأى ذلك، لما يخاف من أن يعين مع أصحابه على المسلمين.اهـ
تنبيه: يُهدر أمنُ الفتنة , لعل صوابه : يُهدر أَمْرُ الفتنة
ثم راجعت المدونة لسحنون فوجدت النص فيها [1 /531 ], وبه يتبين ما في النقل من بيان ابن رشد من تصحيف وتحريف: 
ابْنُ وَهْبٍ ، عن يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، عن ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ : هَاجَتِ الْفِتْنَةُ الْأُولَى ، فَأَدْرَكَتْ رِجَالًا ذَوِي عَدَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ يُهْدَرُ أَمْرُ الْفِتْنَةِ , فَلَا يُقِيمُونَ فِيهِ عَلَى رَجُلٍ قَاتَلَ فِي تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ قِصَاصًا فِيمَنْ قَتَلَ , وَلَا حَدَّ فِي سَبْيِ امْرَأَةٍسُبِيَتْ , وَلَا نَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا مُلَاعنةً , وَلَا نَرَى أَنْ يَقْذِفَهَا أَحَدٌ إِلَّا جُلِدَ الْحَدَّ , وَنَرَى أَنْ تُرَدَّ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ تَعْتَدَّ ، فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ , وَنَرَى أَنْ تَرِثَ زَوْجَهَا الْأَوَّلَ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق