بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الخميس، 8 نوفمبر 2012

89- شطح الجيلاني

[ قال الحافظ ابن رجب رحمه الله ]:
الحكاية المعروفة عن الشيخ عبد القادر أنه قال: قدمي هذه على رقبة كل ولي لله، فقد ساقها هذا المصنف عنه من طرق متعددة.
وأحسن ما قيل في هذا الكلام: ما ذكره الشيخ أبو حفص السهروردي في عوارفه: أنه من شطحات الشيخ التي لا يقتدي بهم فيها، ولا يقدح في مقاماتهم ومنازلهم، فكل أحد يؤخذ عليه من كلامه ويترك، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم.
ومن ساق الشيوخ المتأخرين مساق الصدر الأول، وطالبهم بطرائقهم، وأراد منهم ما كان عليه الحسن البصري وأصحابه مثلا من العلم العظيم، والعمل العظيم، والورع العظيم، والزهد العظيم، مع كمال الخوف والخشية، وإظهار الذل والحزن، والانكسار والازدراء على النفس، وكتمان الأحوال والمعارف، والمحبة والشوق ونحو ذلك - فلا ريب أنه يزدري المتأخرين، ويمقتهم، ويهضم حقوقهم. فالأولى تنزيل الناس منازلهم، وتوفيتهم حقوقهم، ومعرفة مقاديرهم، وإقامة معاذيرهم. وقد جعل الله لكل شيء قدرا.
ولما كان الشيخ أبو الفرج بن الجوزي عظيم الخبرة بأحوال السلف، والصدر الأول، قَلَّ من كان في زمانه يساويه في معرفة ذلك. وكان له أيضا حظ من ذوق أحوالهم، وقسط من مشاركتهم في معارفهم. كان لا يعذر المشايخ المتأخرين في طرائقهم المخالفة لطرائق المتقدمين، ويشتد إنكاره عليهم.
وقد قيل: إنه صنف كتابا، ينقم فيه على الشيخ عبد القادر أشياء كثيرة، ولكن قد قَلَّ في هذا الزمان من له الخبرة التامة بأحوال الصدر الأول، والتمييز بين صحيح ما يذكر عنهم من سقيمه, فأما من له مُشاركة لهم في أذواقهم، فهو نادر النادر, وإنما يلهج أهل هذا الزمان بأحوال المتأخرين، ولا يُميزون بين ما يصح عنهم من ذلك من غيره، فصاروا يخبِطون خَبطَ عشواء في ظلماء, والله المستعان.
وللشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى كلام حسن في التوحيد، والصفات والقدر، وفي علوم المعرفة موافق للسنة, وله كتاب: " الغنية لطالبي طريق الحق " وهو معروف، وله كتاب " فتوح الغيب ", وجمع أصحابه من مجالسه في الوعظ كثيرا, وكان متمسكا في مسائل الصفات، والقدر، ونحوهما بالسنة، بالغا في الرد على من خالفها.
قال في كتابه " الغنية " المشهور: وهو بجهة العلو, مستو على العرش، محتو على الملك محيط علمه بالأشياء " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه "[ فاطر: 10]، " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " [السجدة: 15], ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان، بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال " الرحمن على العرش استوى " [طه: 5]، وذكر آيات وأحاديث، إلى أن قال: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش.
قال: وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل، بلا كيف. وذكر كلاما طويلا، وذكر نحو هذا في سائر الصفات.

المصدر: [ ذيل طبقات الحنابلة 2/ 197]
قلت - رحم الله والدي -:
قال ابن كثير في تاريخه في ترجمة الجيلاني 12 /252 : له أحوال صالحة ومكاشفات، ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالا وأفعالا ومكاشفات أكثرها مغالاة، وقد كان صالحا ورعا، وقد صنف كتاب الغنية وفتوح الغيب، وفيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة، وبالجملة كان من سادات المشايخ,اهـ / رابط تحميل الغنية
وله أيضا كتاب: تحفة المتقين وسبيل العارفين, نقل منه العلامة ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية 2 /276 نصا نادرا في إثبات صفة العلو , قال: قول الشيخ الإمام العارف قدوة العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني, قدس الله روحه قال في كتابه: " تحفة المتقين وسبيل العارفين " في باب اختلاف المذاهب في صفات الله عز وجل وفي ذكر اختلاف الناس في الوقف عند قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} [آل عمران: 7]
إلى أن قال: والله تعالى بذاته على العرش, وعلمه محيط بكل مكان, والوقف عند أهل الحق على قوله: {إلا الله} [آل عمران: 7] , وقد روي ذلك عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الوقف حسن لمن اعتقد أن الله بذاته فوق العرش, ويعلم ما في السماوات والأرض, إلى أن قال: ووقف جماعة من منكري استواء الرب عز وجل على قوله: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5], وابتدءوا بقوله: {استوى له ما في السماوات وما في الأرض} [طه: 5], يريدون بذلك نفي الاستواء الذي وصف به نفسه, وهذا خطأ منهم؛ لأن الله تعالى استوى على العرش بذاته.اهـ

توضيح وبيان: السهروردي: الشيخ، الإمام، العالم، القدوة، الزاهد، العارف، المحدث، شيخ الإسلام، أوحد الصوفية، شهاب الدين، أبو حفص، وأبو عبد الله عمر بن محمد بن عبد الله القرشي، التيمي، البكري، السهروردي، الصوفي، ثم البغدادي[ت 632 هـ ], قال ابن النجار:... صنف في التصوف كتابا، شرح فيه أحوال القوم، وحدث به مرارا يعني عوارف المعارف, قال: وأملى في آخر عمره كتابا في الرد على الفلاسفة, انتهى من السير 22 /374
كتابه في الرد على الفلاسفة سماه: كشف الفضائح اليونانية ورشف النصائح الإيمانية, طبع في دار السلام 1420 تحقيق د. عائشة يوسف المناعي / تحميل الكتاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق