[ قال ابن العديم رحمه الله ]: قرأت على ظَهر نُسخة قديمة من شعر المتنبي ما صورته: حكى أبو بكر الخوارزمي: أن المتنبي كان قاعدا تحت قول الشاعر:
وإن أحق الناس باللوم شاعر ... يلوم على البخل الرجال ويبخل
وإنما أعرب عن طريقته وعادته بقوله:
وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه.قال: فحضرت عنده يوما وقد أُحْضِر مال، فصُبَّ بين يديه من صِلات سيف الدولة على حصير قد افترشه، فوُزِن وأُعِيد في الكيس، وتخَلَّلَت قطعة كأصغر ما تكون خِلال الحصير، فأَكَبَّ عليه بمجامعه, يعالج لاستنقاذها منه، ويشتغل عن جلسائه حتى تَوَصَّلَ إِلى إِظهار بعضها، وأنشد قول قيس من الخطيم:
تبَدَّت لنا كالشمسِ بين غمامة ... بَدَا حاجبٌ منها وضَنَّتْ بحاجب
ثم استخرجها, وأمر باعادتها إلى مكانها, وقال: إنها تُخَضِّرُ المَائِدة.
المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 660 ]
قلت - رحم الله والدي-:
توضيح وبيان: قوله: تُخَضِّرُ المائدة: أي تكفي لشراء الخُضَرِ لمائدة الطعام, وقوله : وقوف... الخ, عجز بيت من قصيدة للمتنبي أولها:
وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه *** بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ
وما أنَا إلاّ عاشِق كل عَاشِقٍ *** أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ
وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ *** ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها *** وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق