بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الأحد، 14 أكتوبر 2012

9- من أخبار نصير الشرك الطوسي الرافضي وزير هولاكو لعنهما الله

الخواجا نصير الدين الطوسي , محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين أبو عبد الله الطوسي الفيلسوف , صاحب علوم الرياضي والرصد

كان رأسا في علم الأوائل, لا سيما في الأرصاد والمجسطي فإنه فاق الكبار قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي الرافضي وغيره 

وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو , وكان يطيعه فيما يشير به عليه, والأموال في تصريفه فابتنى بمدينة مراغة قبة ورصدا عظيما 
واتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء وملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة حتى تجمع فيها زيادة على أربع مائة ألف مجلد
وقرر بالرصد المنجمين والفلاسفة والفضلاء وجعل لهم الجامكية 
وكان حسن الصورة سمحا كريما جوادا حليما حسن العشرة غزير الفضائل جليل القدر داهية 
حكى لي: أنه لما أراد العمل للرصد رأى هولاكو ما ينصرف عليه, فقال له: هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته؟, أيدفع ما قدر أن يكون, فقال : أنا أضرب لمنفعته مثالا, القان يأمر من يطلع إلى أعلى هذا المكان ويدعه يرمي من أعلاه طست نحاس كبيرا من غير أن يعلم به أحد, ففعل ذلك فلما وقع ذلك كانت له وقعة عظيمة هائلة, روعت كل من هناك , وكاد بعضهم يصعق , وأما هو وهولاكو فإنهما ما تغير عليهما شيء لعلمهما بأن ذلك يقع , فقال له :هذا العلم النجومي له هذه الفائدة, يعلم المتحدث فيه ما يحدث فلا يحصل له من الروعة والاكتراث ما يحصل للذاهل الغافل عنه , فقال : لا بأس بهذا , وأمره بالشروع فيه, أو كما قيل 
ومن دهائه ما حكى لي أنه حصل له غضب علي علاء الدين الجويني صاحب الديوان فيما أظن فأمر بقتله, فجاء أخوه إليه , وذكر له ذلك وطلب منه إبطال ذلك, فقال :هذا القان, وهؤلاء القوم إذا أمروا بأمر ما يمكن رده خصوصا إذا برز إلى الخارج , فقال له : لا بد من الحيلة في ذلك , فتوجه إلى هولاكو , وبيده عكاز وسبحة واسطرلاب, وخلفه من يحمل مبخرة وبخورا , والنار تضرم , فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم , فلما وصل أخذ يزيد في البخور, ويرفع الاسطرلاب ناظرا فيه ويضعه , فلما رأوه يفعل ذلك دخلوا إلى هولاكو وأعلموه , وخرجوا إليه, فقالوا : ما الذي أوجب هذا؟, فقال: القان أين هو ؟, قالوا له :جوا, قال : طيب معافى, موجود في صحة, قالوا: نعم , فسجد شكرا لله تعالى , وقال لهم طيب في نفسه , قالوا : نعم , وكرر هذا , وقال : أريد أن أرى وجهه بعيني إلى أن دخلوا إليه واعلموه بذلك , وكان وقت لا يجتمع فيه به أحد, فأمر بادخاله , فلما رآه سجد وأطال السجود, فقال له: ما خبرك ؟ , قال: اقتضي الطالع في هذا الوقت أن يكون على القان قطع عظيم إلى الغاية, , فقمت وعملت هذا وبخرت هذا البخور, ودعوت بأدعية أعرفها , أسأل الله صرف ذلك عن القان , ويتعين الآن أن القان يكتب إلى سائر مماليكه , ويجهز الألجية في هذه الساعة إلى سائر المملكة بإطلاق من في الاعتقال , والعفو عمن له جناية , أو أمر بقتله, لعل الله يصرف هذا الحادث العظيم , ولو لم أر وجه القان ما صدقت , فأمر هولاكو في ذلك الوقت بما قال , وأطلق صاحب الديوان في جملة الناس, ولم يذكره النصير الطوسي 
وهذا غاية في الدهاء, بلغ به مقصده , ودفع عن الناس أذاهم , وعن بعضهم إزهاق أرواحهم 
ومن حلمه , ما وقفت له على ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما فيها يقول له: يا كلب يا ابن الكلب, فكان الجواب: وأما قوله كذا فليس بصحيح , لأن الكلب من ذوات الأربع, وهو نابح طويل الأظفار , وأنا فمنتصب القامة بادي البشرة , عريض الأظفار, ناطق ضاحك , فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص , وأطال في نقض كل ما قاله هكذا برطوبة وتأن غير منزعج, ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة 
ورأيت له شعرا كتبه لكمال الدين الطوسي على مصنف صنفه المذكور , وهو نظم منحط , ومن تصانيفه كتاب المتوسطات بين الهندسة والهيئة وهو جيد إلى الغاية , ومقدمة في الهيئة, وكتابا وضعه للنصيرية , وأنا أعتقد أنه ما يعتقده لأن هذا فيلسوف وأولئك يعتقدون آلهية على , واختصر المحصل للإمام فخر الدين وهذبه وزاد فيه, وشرح الإشارات ورد فيه على الإمام فخر الدين في شرحه , وقال: هذا به جرح وما هو شرح , قال فيه إني حررته في عشرين سنة , وناقض فخر الدين كثيرا 
ولقد ذكره قاضي القضاة جلال الدين القزويني رحمه الله يوما وأنا حاضر,اللهفان وعظمه أعني الشرح , فقلت: يا مولانا ما عمل شيئا , لإنه أخذ شرح الإمام وكلام سيف الدين الآمدي وجمع بينهما وزاده يسيرا , فقال : ما أعرف للآمدي في الإشارات شيئا , قلت : نعم كتاب صنفه , وسماه :كشف التمويهات عن الإشارات والتنبيهات , فقال هذا ما رأيته 

المصدر : [الوافي بالوفيات 1/ 149]

قلت -رحم الله والدي -: 
هذا الخبيث جر على الإسلام والمسلمين شرا عظيما قال عنه شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية رحمه الله في الصواعق المرسلة 2/ 790: نصير الشرك والكفر والإلحاد الطوسي فإن له عقلا آخر خالف فيه سلفه من الملحدين, ولم يوافق فيه أتباع الرسل 
وقال في موضع ثان منه 3/ 991 : أفضل متأخريهم عندهم, وأجهلهم بالله , وأكفرهم نصير الكفر والشرك الطوسي 
وقال في موضع ثالث منه 3/ 1077: شيخ شيوخ المعارضين بين الوحي والعقل , وإمامهم في وقته , نصير الكفر والشرك الطوسي , فلم يعلم في عصره أحد عارض بين العقل والنقل معارضته , فرام إبطال السمع بالكلية , وإقامة الدعوة الفلسفية , وجعل الإشارات بدلا عن السور والآيات , وقال هذه عقليات قطعية برهانية , قد عارضت تلك النقليات الخطابية , واستعرض علماء الإسلام وأهل القرآن والسنة على السيف , فلم يبق منهم إلا من أعجزه قصدا لإبطال الدعوة الإسلامية , وجعل مدارس المسلمين وأوقافهم للنجسة السحرة والمنجمين والفلاسفة والملاحدة والمنطقيين , ورام إبطال الآذان وتحويل الصلاة إلى القطب الشمالي , فحال بينه وبين ذلك من تكفل بحفظ الإسلام ونصره وهذا كله من ثمرة المعارضين بين الوحي والعقل وتقديم العقل على السمع 
وقال في إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان 2/ 267 : لما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر الملحد وزير الملاحدة النصير الطسى وزير هولاكو شفا نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه , فعرضهم على السيف حتى شفا إخوانه من الملاحدة واشتفى هو , فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين , واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين والسحرة , ونقل أوقاف المدارس والمساجد والربط إليهم , وجعلهم خاصته وأولياءه , ونصر في كتبه قدم العالم , وبطلان المعاد , وإنكار صفات الرب جل جلاله : من علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره , وأنه لا داخل العالم ولا خارجه , وليس فوق العرش إله يعبد ألبتة , واتخذ للملاحدة مدارس , ورام جعل إشارات إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن فلم يقدر على ذلك , فقال : هي قرآن الخواص , وذاك قرآن العوام , ورام تغيير الصلاة وجعلها صلاتين , فلم يتم له الأمر , وتعلم السحر في آخر الأمر , فكان ساحرا يعبد الأصنام 
وصارع محمد الشهرستاني ابن سينا في كتاب سماه: المصارعة , أبطل فيه قوله بقدم العالم , وإنكار المعاد , ونفي علم الرب تعالى وقدرته وخلقه العالم , فقام له نصير الإلحاد وقعد , ونقضه بكتاب سماه : مصارعة المصارعة , ووقفنا على الكتابين , نصر فيه : أن الله تعالى لم يخلق السموات والأرض في ستة أيام , وأنه لا يعلم شيئا , وأنه لا يفعل شيئا بقدرته واختياره , ولا يبعث من في القبور , وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر 


وقال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه مجموع الفتاوى 13/ 207 : ولهذا لما استولى التتار على بغداد وكان الطوسي منجما لهولاكو استولى على كتب الناس الوقف والملك فكان كتب الإسلام مثل التفسير والحديث والفقه والرقائق يعدمها وأخذ كتب الطب والنجوم والفلسفة والعربية فهذه عنده هي الكتب المعظمة 

وقال أيضا 14/ 166: كان النصير الطوسي " وأمثاله مع هولاكو " ملك الكفار وهو الذي أشار عليهم بقتل الخليفة ببغداد لما استولى عليها وأخذ كتب الناس : ملكها ووقفها وأخذ منها ما يتعلق بغرضه وأفسد الباقي وبنى الرصد ووضعها فيه وكان يعطي من وقف المسلمين لعلماء المشركين البخشية والطوينية ويعطي في رصده الفيلسوف والمنجم والطبيب أضعاف ما يعطي الفقيه ويشرب هو وأصحابه الخمر في شهر رمضان ولا يصلون 


كتاب الشهرستاني الذي ذكره ابن القيم اسمه : مصارعة الفلاسفة , طبع في دار معد ودار النمير دمشق بتحقيق موفق فوزي الجبر , وفي مطبعة الجبلاوي مصر تحقيق سهير محمد مختار , وكتاب الطوسي سماه : مصارع المصارع طبع في دار الثقافة القاهرة بتحقيق الدكتور فصيل بدير عون 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق