أحمد بن جعفر الارتاحي قال: دخلت أولاس فإذا شيخ كبير، فدنوت منه، فقلت له: يا شيخ حدثني بشيء ينفعني الله عز وجل به، قال: عليك بالجِدِّ، فإنه كان لي ورد أقرأ فيه جزءين من القرآن كل ليلة، قال: فنمت عنه، فنوديت من زاوية البيت: إن كنت تزعم حبي فلم جفوت يا هذا كتابي, أو ما تدبرت ما فيه لك من لطيفِ عِتابي, و أذكاري ومواعظي، وآلائي واعجازي؟! , ثم أنشد:
إن كنت تزعم حبي ... فلم جفوت كتابي
أما تدبرت ما فيه ... من لطيف عتابي.
المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 609 ]
قلت رحم الله والدي:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب: الفوائد 1/82: هجر القرآن أنواع :
أحدها : هجر سماعه , والإيمان به , والإصغاء إليه
والثاني : هجر العمل به , والوقوف عند حلاله وحرامه , وإن قرأه وآمن به
والثالث : هجر تحكيمه , والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه , واعتقاد أنه لا يفيد اليقين , وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم
والرابع : هجر تدبره وتفهمه , ومعرفة ما أراد المتكلم به منه
والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها , فيطلب شفاء دائه من غيره , ويهجر التداوي به
وكل هذا داخل في قوله : { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } , وإن كان بعض الهجر أهون من بعض .
وكذلك الحرج الذي في الصدور منه , فإنه تارة يكون حرجا من إنزاله و, كونه حقا من عند الله , وتارة يكون من جهة لتكلم به , أو كونه مخلوقا من بعض مخلوقاته ألهَمَ غيره أن تكلم به
وتارة يكون من جهة كفايته وعدمها , وأنه لا يكفي العباد بل هم محتاجون معه إلى المعقولات والأقيسة أو الآراء أو السياسات
وتارة يكون من جهة دلالته , وما أريد به حقائقه المفهومة منه عند الخطاب , أو أريد به تأويلها وإخراجها عن حقائقها إلى تأويلات مستكرهة مشتركة
وتارة يكون من جهة كون تلك الحقائق وإن كانت مرادة فهي ثابتة في نفس الأمر , أو أوهم أنها مرادة لضرب المصلحة
فكل هؤلاء في صدورهم حرج من القرآن , وهم يعلمون ذلك من نفوسهم , ويجدونه في صدورهم , ولا تجد مبتدعا في دينه قط إلا وفي قلب حرج من الآيات التي تخالف بدعته , كما أنك لا تجد ظالما فاجرا إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته
فتدبر هذا المعنى , ثم ارض لنفسك بما تشاء
تفسير وبيان: أوْلاس: حصن على ساحل بحر الشام من نواحي طرسوس، فيه حصن يسمّى حصن الزّهّاد/ معجم البلدان 1 / 282
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق