بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

37- سبب رحلة إمام النحاة أبي حيان الأندلسي عن بلده

محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الإمام أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي, النفزي، نسبة إلى قبيلة من البربر

كان سبب رحلته عن غرناطة أنه حملته حدة الشبيبة على التعرض للأستاذ أبي جعفر بن الطباع، وقد وقعت بينه وبين أستاذه أبي جعفر بن الزبير وقعة، فنال منه, وتصدى لتأليف في الرد عليه, وتكذيب روايته، فرفع أمره إلى السلطان، فأمر بإحضاره وتنكيله, فاختفى، ثم ركب البحر، ولحق بالمشرق.

قلت [ السيوطي ]: ورأيت في كتابه " النضار " الذي ألفه في ذكر مبدئه واشتغاله وشيوخه ورحلته, أن مما قوى عزمه على الرحلة عن غرناطة أن بعض العلماء بالمنطق والفلسفة والرياضي والطبيعي, قال للسلطان: إني قد كبرت وأخاف أن أموت، فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم، لينفعوا السلطان من بعدي

قال أبو حيان: فأشير إلي أن أكون من أولئك، ويرتب لي راتب جيد وكسا وإحسان، فتمنعت, ورحلت مخافة أن أكره على ذلك.


المصدر : [بغية الوعاة 1/ 281]

قلت - رحم الله والدي-  :

النضار " كتاب لأبي حيان , النضار عن المسلاة عن نضار , ذكره الحافظ في الدرر الكامنة (6 / 62) فقال :

وقفت على كتاب له سماه: " النضار عن المسلاة عن نضار " , بخطه في مجلد صخم , ذكر فيه أوليته وابتداء أمره وصفة رحلته وتراجم الكثير من أشياخه وأحواله, إلى أن استطرد إلى أشياء كثيرة تشتمل على فوائد غزيرة, قد لخصتها في التذكرة, ومما ذكر في نسبه النفزي, قال: هي نسبة إلى نفزة قبيلة من البربر, والبربر فيما يزعمون من ولد بربر بن قيس بن عيلان بن مضر, وهم قبائل زناتة وهوارة وصنهاجة ونفزة وكتامة ولواتة وصدينة وسنانة ومرانة وكانوا كلهم بفلسطين . اهـ

وابنته نضار رحمها الله , ترجم لها الصلاح الصفدي في أعيان العصر وأعوان النصر (5 / 521) قال:

نُضار, بضم النون - بنت محمد بن يوسف، وهي ابنة الشيخ العلامة أثير الدين أبي حيان, حجّت وسمعت بقراءة شيخنا البرزالي على بعض الرواة، وحدثت بشيء من مروياتها وحضرت على الدمياطي، وسمعت على جماعة، وأجازها من الغرب أبو جعفر بن الزبير، وحفظت مقدمة في النحو, وعمل شيخنا أثير الدين والدها لما توفيت فيها كتاباً سماه: " النضار في المَسلاة عن نَضار ", وكان والدها يثني عليها ثناء كثيراً, وكانت تكتب وتقرأ، وقال لي والدها: إنها خرّجت " جزء " حديث لنفسها وإنها تعرب جيداً، وأظنه قال لي: إنها تنظم الشعر. وكان يقول دائماً: ليت أخاها حيّان مثلها, وتوفيت رحمها الله تعالى في جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبع مئة, في حياة والدها، فوجد عليها وجداً عظيماً ولم يثبت، وطلع الى السلطان وسأله أن يدفنها في بيته بالبرقية داخل القاهرة، فأذن له في ذلك، وانقطع عند قبرها ولازمه سنة, ومولدها في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبع مئة, ولما توفيت كنت بالرحبة فكتبت الى والدها بقصيدة أولها:


بكينا باللجين على نُضار ... فسيل الدمع في الخدين جار
فيا لله جارية تولت ... فنبكيها بأدمعنا الجواري

والكتاب النفيس هذا في عداد المفقود , ولعل الله يظهره لينتفع الناس بما فيه , كما حصل في غيره , وهناك بحث للشيخ جمال عزون حول الكتاب في مجلة أخبار التراث , يمكنكم تحميله من الرابط

توضيح وبيان : 
النضار, قال في القاموس المحيط (1 / 483): النضر والنضير والنضار والأنضر: الذهب، أو الفضة ج: نِضار، بالكسر، وأنضر.
و النُضار، بالضم: الجوهر الخالص من التبر، والخشب، والأثل، أو ما كان عذيا على غير ماء، أو الطويل منه المستقيم الغصون، أو ما نبت منه في الجبل، وخشب للأواني، ويكسر، ومنه كان منبر النبي، صلى الله عليه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق