قال "ابن الجوزي" رحمه الله عند شرحه لحديث: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا" :
هذا الحديث محمول على من جعل جميع شغله حفظ الشعر، فلم يحفظ شيئا من القرآن ولا من العلم، لأنه إذا امتلأ الجوف بالشيء لم يبق فيه سعة لغيره.
قال النضر بن شميل لم تمتلء أجوافنا من الشعر، فيها القرآن وغيره, قال: وهذا كان في الجاهلية، وأما اليوم فلا. وقال أحمد بن حنبل: أكره من الشعر الهجاء والرقيق الذي يشبب بالنساء، فأما الكلام الجاهلي فما أَنْفَعه.
قلت: فأما ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به " فإنه حديث باطل؛ لأن الكلبي لا يُوثَق به، وحِفْظُ بيت من ذلك يكفي في الذّم دون تعليق ذلك بملء الجوف.
والصحيح عندي ما ذكرته أولا، وأن المراد بامتلاء الجوف بالشعر حتى لا يكون لغيره موضع, وقد مدح رسول الله الشعر بقوله: " إن من الشعر حكمة " وكان يسمعه ويستنشده، وكان "أبو بكر" يقول الشعر، و"عمر" و"عثمان"، وكان "علي" أشعرهم
وقال حبيب بن أبي ثابت: كان "ابن عباس" يعجبه شعر "زهير" ويقضي له، وكان "معاوية" يعجبه شعر "عدي" ويقضي له، وكان "ابن الزبير" يعجبه شعر "عنترة" ويقضي له.
قال: وإنما اختار "ابن عباس" شعر "زهير" لأنه كان يختار من الشعر أكثره أمثالا, وأدله على العلم والخير, واختار "معاوية" شعر "عدي" لأنه كان كثير الأخبار. واختار "ابن الزبير" شعر "عنترة" لشجاعته.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز. قال: حدثنا إبراهيم بن الوليد قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا نوح بن قيس عن يونس بن مسلم عن وادع بن الأسود عن الشعبي قال: ما أروي شيئا أقل من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد.
قلت: وما زال العلماء يقولون الشعر, ويحفظونه, ويسمعونه، وقد ذكرت من هذا ما يكفي في كتابي المسمى بـ: " إحكام الأشعار في أحكام الأشعار".
المصدر : [ كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 250 ]
هذا الحديث محمول على من جعل جميع شغله حفظ الشعر، فلم يحفظ شيئا من القرآن ولا من العلم، لأنه إذا امتلأ الجوف بالشيء لم يبق فيه سعة لغيره.
قال النضر بن شميل لم تمتلء أجوافنا من الشعر، فيها القرآن وغيره, قال: وهذا كان في الجاهلية، وأما اليوم فلا. وقال أحمد بن حنبل: أكره من الشعر الهجاء والرقيق الذي يشبب بالنساء، فأما الكلام الجاهلي فما أَنْفَعه.
قلت: فأما ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به " فإنه حديث باطل؛ لأن الكلبي لا يُوثَق به، وحِفْظُ بيت من ذلك يكفي في الذّم دون تعليق ذلك بملء الجوف.
والصحيح عندي ما ذكرته أولا، وأن المراد بامتلاء الجوف بالشعر حتى لا يكون لغيره موضع, وقد مدح رسول الله الشعر بقوله: " إن من الشعر حكمة " وكان يسمعه ويستنشده، وكان "أبو بكر" يقول الشعر، و"عمر" و"عثمان"، وكان "علي" أشعرهم
وقال حبيب بن أبي ثابت: كان "ابن عباس" يعجبه شعر "زهير" ويقضي له، وكان "معاوية" يعجبه شعر "عدي" ويقضي له، وكان "ابن الزبير" يعجبه شعر "عنترة" ويقضي له.
قال: وإنما اختار "ابن عباس" شعر "زهير" لأنه كان يختار من الشعر أكثره أمثالا, وأدله على العلم والخير, واختار "معاوية" شعر "عدي" لأنه كان كثير الأخبار. واختار "ابن الزبير" شعر "عنترة" لشجاعته.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن محمد المعدل قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرزاز. قال: حدثنا إبراهيم بن الوليد قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا نوح بن قيس عن يونس بن مسلم عن وادع بن الأسود عن الشعبي قال: ما أروي شيئا أقل من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد.
قلت: وما زال العلماء يقولون الشعر, ويحفظونه, ويسمعونه، وقد ذكرت من هذا ما يكفي في كتابي المسمى بـ: " إحكام الأشعار في أحكام الأشعار".
المصدر : [ كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 250 ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق