بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الخميس، 10 يناير 2013

190- سلطان يهاب دعوة المظلوم ولا يهاب الجيوش


قال الحضرمي: سمعت محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى يقول: سمعت أبا يعقوب بن صيغون الرجل الصالح يقول: 
كان لي صديق بالمعافر من خيار المسلمين، فقير كان له أربع بنات، فجمعن من غزلهن أحد عشر دينارا اشترين جارية أعجمية, تستقي لهم من العيون والمصانع بالمعافر، وتخبز الخبز وتخدمهم، فهربت منهن في بعض الايام، فأخذها أصحاب المصالح في بني وائل، فجِئتُ فأخبرني بذلك، فجئت إلى أصحاب المصالح فكلمتهم, فقالوا: لا ندفعها إلا بأربعة دنانير، فخاطبت البنات, فأخرجن إلي أربعة أزواج حلق, في كل زوج نصف دينار
فجئت الى أصحاب المصالح، فقالوا: لا نأخذ الا أربعة دنانير، فانصرفت آخر النهار الى بركة المعافر, وقد دخلها الماء، فجلست على حجر على الماء، وقلعت نعلي, وجعلت الحلق عليها، فبينا أنا مهموم إذا برجل على بغل قد وقف بي، ونزل الى جانبي, وقلب العنان وأمسكه بيده, وحادثني، واستخبرني عن مسكني وموضعي, واستوصف منزلي إلى أن سألني عن سيرة الوالي، فأخبرته أن له معروفا، وقد عمل هذه المصانع للماء والمارستان، وبنى الجامع، وحبس عليها الأحباس، إلى أن سألني عن تلك الحلق التي رآها على النعل، فأخبرته الخبر
فقال لي: أنت تصف الرجل بالعدل ويستعمل من هؤلاء القوم، يفعل هذا الفعل؟ , فقلت: لا علم له بفعلهم، وحضرت صلاة المغرب, فقال لي: تقدم وصل بي، ووقف على يميني, فصليت به المغرب، ثم فرغ وركع، وركب بغله, وأخذ على المقابر على الصحراء, وانصرفت الى منزلي، فإني لجالس على إفطاري إذ سمعنا على الباب جلبة، فاطلعت إحدى البنات, فقالت لي: يا أبت على الباب قوم من أصحاب السلطان, فنزلت فإذا صاحب الشرطة "سري", فحملني على بغل, وأخذ بي على الصحراء إلى جبل، فإذا جَمْعٌ وإذا بصاحبي جالس, وبين يديه شمع، فقال لي: عندي يا إمامي، الساعة صليت بي المغرب
ثم قال: يا "سري" ما يقدر لي "أبو أحمد الموفق" على مثل ما كدتني به أنت، "أبو أحمد" يلقاني برجال، وألقاه برجال، وبكراع وسلاح وعدة، وألقاه بمثلها، "أبو أحمد" لا يقدر يوقف لي الليلة مثل هذا الرجل المستور في الليل, وخلفه أربع بنات مظلومات, يرفعون أيديهم الى الله، هذا يُهْلِكُنِي.
قال: ثم التفت إلي, فقال: أنشدك الله إِنْ دَعَوت علي، ثم قال: يا سوار أحضر ما قلت لك، فأحضر أربع صرر وأربع رزم ثياب, وقال لي: يا شيخ ادفع الصرر إلى أصحاب الحلق, الى كل واحدة مائة دينار, ورزمة من الثياب يكتسينها، وهذه ثلاثون دينارا ابتع بها جارية مشهورة مخبورة، وبيعوا هذه الجارية التي باتت بحيث لا يصلح, أجريت عليك وعلى بناتك خمسه دنانير في كل شهر, لكل نفس منكم دينار ومائدة طعام يوم الاثنين, ومائدة يوم الخميس، ولا تدعو علي وانصرف.

المصدر : [ بغية الطلب فى تاريخ حلب 2/ 830 ]

قلت - رحم الله والدي-:
رحم الله ابن طولون وغفر له, فقد كان كما قال الذهبي في "السير" : يرجع إلى عدل وبذل، لكنه جبار، سفاك للدماء
توضيح وبيان: الموفق: هو الأمير أبو أحمد طلحة - ومنهم من سماه: محمدا - ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم محمد ابن الرشيد الهاشمي العباسي/ت 278 هـ، أخو الخليفة "المعتمد" وولي عهده، ووالد أمير المؤمنين المعتضد، قال ابن خلكان: وإنما تغلب [ابن طولون] على البلاد لاشتغال الموفق بن المتوكل بحرب صاحب الزنج


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق