سيف الدين أبو عبد الله عبد الوهاب بن القدوة الزاهد أبي محمد عبد القادر الجيلي ثم البغدادي الأزجي، الفقيه الواعظ [ت 593هـ]
قيل له يوما: بأي شيء تَعرِف المُحِقَّ من المُبطِل؟ , قال: بليمونة
أراد: من تَخَضَّبَ يَزُولُ خِضابه بليمونة.
المصدر: [ ذيل طبقات الحنابلة 2 / 429]
قلت - رحم الله والدي-:
يقصد رحمه الله أنه كما يفرق بين الشاب اليافع والشيخ المدلس الذي يَخْضِبُ لحيته ليخفى سنه, وليظهر شابا في أعين من يلبس عليه, فيمتحن صدقه بمسح لحيته بليمونة, فتذهب خضابه, وينكشف تدليسه وتلبيسه
فكذلك المبطل الضال المضل تنكشف شبهات باطله وزخارف ضلاله بعرضها على أدنى حجة من الحق وأسهلها
وتعجبني كلمة لشيخ الإسلام الإمام ابن عبد الوهاب في كتابه العظيم النفع: "كشف الشبهات", قال رحمه الله: إذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه, أهل فصاحة وعلم وحُجَج, فالواجب عليك أن تَعْلَم من دين الله ما يصير سلاحا لك, تقاتل به هؤلاء الشياطين, الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك - عز وجل -: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}, ولكن إذا أقبلت على الله, وأَصْغَيْتَ إلى حُجَجِ الله وبيناته فلا تَخَفْ ولا تَحْزَنْ, {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}, والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين, كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}, فجند الله هم الغالبون بالحجة واللسان، كما أنهم الغالبون بالسيف والسنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح, وقد من الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين, فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها, ويبين بطلانها , كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}, قال بعض المفسرين: هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يوم القيامة, اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق