علاج فقد المحبوب بثمانية أشياء
أحدها: أن يعلم أن القَدَرَ قد سَبَقَ بذلك, قال الله عز وجل: { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها }, ثم قال سبحانه: { لكي لا تأسوا على ما فاتكم }, والمعنى أن المصائب مُقَدَّرَة, لا أنها وقعت على وجه الاتفاق, كما يقول الطبائعيون, ولا أنها عَبَثٌ, بل هي صادرة عمن صدرت عنه مُحْكَمَاتُ الأمور, ومُتْقَنَاتُ الأعمال, وإذا كانت صادرة عن تدبير حكيم لا يَعْبَثْ إما لزجر عن فساد, أو لتحصيل أجر, أو لعقوبة على ذنب, وقع التسلي بذلك
الثاني: العلم بأن الدنيا دار الابتلاء والكرب, لا يُرْجَى منها راحة
وما استغربت عيني فراقا رأيته ... ولا أعلمتني غير ما القلب عالمه
والثالث: العلمُ بأنَّ الجَزَع مصيبة ثانية
والرابع: أن يُقَدِّر وجودَ ما هو أكبر من تلك المصيبة, كمن له ولدان ذهب أحدهما
والخامس: النَّظَرُ في حالِ من ابْتُلِيَ بمثل هذا البلاء, فإن التأسي راحة عظيمة, قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
وهذا المعنى قد حَرَمَهُ اللهُ عز وجل أهلَ النارِ, فإن كل واحد من المُخَلَّدِين فيها محبوسٌ وحده, يظن أنه لم يَبْقَ في النار سِواه
والسادس: النظرُ في حالِ من ابْتُلِيَ بأكثر من هذا البلاء فيُهَوَّنُ هذا
والسابع: رجاءُ الخَلَفِ إِن كان من معنى يَصْلُحُ عنه الخَلَفُ كالولد والزوجة
قيل للقمان: ماتت زوجتك ؟, فقال: تَجَدَّدَ فِراشي, وأنشدوا
هل وصل غرة إلا وصل غانية ... في وصل غانية من وصلها خلف
والثامن: طلبُ الأجرِ بحمل أعباء الصبر, فليَنْظُرْ في فضائلِ الصبرِ وثوابِ الصابرين وسيرتِهم في صبرِهِم, وإن تَرَقَّى إلى مقامِ الرضى فهو الغَايَةُ
المصدر : [الثبات عند الممات ص 29 ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق