بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

152- حيلة لقراءة كتاب


محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر العسكري المعروف بـ: " مبرمان " [ت 345 هـ]

كان قَيِّماً بالنحو, أخذ عنه الفارسي والسيرافي, وكان ضنينا بالأخذ عنه، لا يُقْرِئُ " كتابَ سيبويه " إلا بمائة دينار، فقصده أبو هاشم الجبائي، فقال له: قد عَرفتُ الرَّسْمَ؟, قال: نعم؛ ولكن اسألك النَظِرَة، وأحمل لك شيئا يساوي أضعافَ القَدْرِ الذي تلتمسه، فَتَدَعُهُ عندك إلى أن يجيئني مال لي ببغداد، فأحمل إليك ما تريد، وأسترجع ما عندك، فتَمَنَّعَ قليلا ثم أجابه، فجاء أبو هاشم إلى زنفيلجة حسنة مُغَشَّاة بالأدم، مُحَلاَّة, فملأها حجارة وقفلها، وختمها، وحملها في منديل، حتى وضعها بين يديه, فلما رأى منظرها وثقلها لم يَشُكَّ في حقيقةِ ما ذَكَرَهُ، فوضعها عنده، وأَخَذَ عليه، فما مضت مدة حتى خَتَم الكتاب، فقال له: احمل مالي قِبَلك، فقال: انفذ معي غلامك حتى أدفع إليه، فأنفذه معه، فجاء إلى منزله, وكتب إليه رقعة فيها: قد تَعَذَّرَ عَلَيَّ حضور المال، وأرهقني السفر، وقد أَبَحْتُكَ التصرف في الزنفيلجة؛ وهذا خطي حجة بذلك. 
وخرج أبو هاشم لوقته إلى البصرة، ومنها إلى بغداد، فلما وقف " مبرمان " على الرقعة، استدعي بالزنفيلجة، فإذا فيها حجارة، فقال: سَخِرَ منا أبو هاشم، لا حَيَّاهُ الله! , واحتال على ما لم يَتِم لغيره قط.

المصدر : [بغية الوعاة 1/ 176]

قلت - رحم الله والدي-:
بيان وتوضيح: ترجمة مبرمان في بغية الوعاة [1 / 175/295 ]
وأبو هاشم الجبائي: عبد السلام ابن الأستاذ أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، المعتزلي، من كبار الأذكياء, أخذ عن والده,/ ت 621 هـ, ترجمته في السير [15/ 64]
قلت: تنسب إليه فرقة: البهشمية, وهو ممن أعطوا ذكاء, ولم يعطوا زكاء, فكان ذكائه وعلمه وبالا عليه, حكيت عنه طوام وشنائع في علم الكلام المذموم, قال الاسفراييني في "التبصير" [1 / 86] : أكثر المعتزلة اليوم على مذهبه لأن ابن عباد كان يدعو إلى مذهبه, وكان أبو هاشم هذا مع إفراطه في القول بالوعيد أفسق أهل زمانه حتى قال في صفته شاعر [من ] المرجئة

(يعيب القول بالإرجاء حتى ... يرى بعض الرجاء من الجرائر)
(وأعظم من ذوي الإرجاء جرما ... وَعِيدِيٌّ أصر على الكبائر)
الزنفيلجة: معرب " زنبيلجه " , وهي الصغار من الزنابيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق