ذكر محمد بن محمد السنجي الكاتب أن أباه حدثه، قال: كان الوزير أبو محمد المهلبي تقدم إلى القاضي ابن قريعة أن يشرف على البناء في داره، وأمر بأن لا يُطلَقَ شيء من النفقة إلا بتوقيع القاضي.
قال: وكان يوما جالسا مع جماعة في دار المهلبي, بقرب الموضع الذي كان القاضي يجلس فيه، فحضر رجل من العَامَّة، فوقف بين يديه ودعا له، وادعى أن له ثمن ثلاثين بيضة, أخذها منه الوكيل لتزويق السقوف, ولم يعطه ثمنها، فقال له: بَيِّن، عافاك الله، دعواك، وأَفْصِح عن نَجوَاك، فَمِنَ البيضِ نعامي, وبطي, وهندي, ونبطي, وحمامي, وعصافيري، حتى أن السمك يبيض، والدود يبيض، فمن أي أجناسه لك؟
فقال الرجل: أنا لا أبيع بيض النعام لتزويق السقوف، لي ثمنُ ثلاثينَ بيضة من بيض الدجاج النبطي، فقال القاضي: الآن حصحص الحق، ما كنيتك ؟ فقال: أنا عمر أبو حفص، فقال لكاتب البناء: اكتب - بورك فيك- إلى الوكيل محمد بن عاصم:
حضرنا، تولاك الله، أبو حفص عمر البيضي، فذكر أنه له ثمن ثلاثين بيضة دجاجيا، لا بطيا, ولا هنديا، أخذت على شرط الإنصاف منه، ثم أخذ ثمنها عنه، فأرجع أكرمك الله إلى موجب كتابك، وما أثبته باسم عمر هذا في حسابك، فإن كان صادقا فله ما للصادقين من البر والإكرام، وإعطاء الثمن على الوفاء والتمام، وإن كان كاذبا فعليه ما على الكاذبين من اللعن والزجر، وقل له موبخا: باعدك الله من حريمه، ما أقل وقارك لشيبك وحسبك، وصل على نبيك، وارفع التوقيع إليه
قال: فلما أخذه الرجل وضعه في جيبه، وقال: ثمن البيض علي أربعة دوانيق، وأنا، والله، لا أبيع هذه الرقعة بدرهمين، ومضى.
المصدر : [ تاريخ بغداد 3 / 120 ]
قلت -رحم الله والدي- :
ما أظرف العامي هذا, و والله لو وصلتنا هذه الرقعة بخط كاتبها لوجدت من يشتريها ويعطي فيها ألف دولار أو أكثر ,فهذه ليست فاتورة بيض بل مرسوم وزاري وتعيين إداري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق