بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الأحد، 21 أكتوبر 2012

54 - غربة عالم

قال ابن السمعاني: سمعتُ الحسين بن عبد الملك يقول: سمعتُ عبد الرحمن بن منده يقول: 
قد تعجبتٌ من حالي مع الأقربين والأبعدين، فإني وَجَدتُ بالآَفاق التي قصدتها أكثر من لقيتُه بها - موافقا كان أو مخالفا - دعاني إلى مساعدته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له في فعله على قبولٍ ورضى. فإن كنت صَدَّقته سماني: مُوافِقًا، وإن وَقَفتُ في حَرْف من قولِه أو في شيء من فعله سماني: مخالفا, وإن ذكرتُ في واحدٍ منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك سماني: خارجيا, وإن روَيتُ حديثا في التوحيد سماني: مشبها, وإن كان في الرؤية سماني: سالميا, وأنا متمسكٌ بالكتاب والسنة، مُتَبرىءٌ إلى الله من التشبيه، والمثلِ والضد والند، والجسم والأعضاء والآلات، ومن كل ما يُنسب إليَّ, ويُدَّعى عَلَيَّ مِن أن أقول في الله تعالى شيئا من ذلك أو قلتُه، أو أراه، أو أتوهمه، أو أتخذه، أو أنتحله.ِ

المصدر : [ ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 58]

قلت رحم الله والدي :
ما أشبه حال هذا الإمام رحمه الله في وصف حاله مع أهل زمانه بمن وصفه ابن دريد اللغوي في قصيدته اللامية , وهي في ديوانه المطبوع ص 99 :

أَرَى النَّاسَ قَدْ أَغْرُوا بِبَغْيٍ وَرِيَبة ٍ *** وَغَيٍّ إِذَا مَا مَيَّزَ النَّاسَ عَاقِلُ
وقدْ لزموا معنى الخلافِ فكلهمْ  *** لى نَحْوِ ما عَابَ الخليقَة َ مَائِلُ
إذا ما رأوا خيراً رموهُ بظنة ٍ ***وإنْ عاينوا شراً فكلٌّ مناضلُ
وليسَ امرؤٌ منهمْ بناجٍ منَ الأذى  ***وَلاَ فِيهِمُ عَنْ زَلَّة ٍ مُتَغَافِلُ
وإنْ عاينوا حبراً أديباً مهذباً  ***حسيباً يقولوا إنهُ لمخاتلُ
وإنْ كانَ ذا ذهنٍ رموهُ ببدعة ٍ  ***وسموهُ زنديقاً وفيهِ يجادلُ
وإنْ كانَ ذا دينٍ يسموهُ نعجة ً ***وليسَ لهُ عقلٌ ولا فيهِ طائلُ
وإنْ كانَ ذا صمتٍ يقولونَ صورة ٌ  ***مَمَثَّلَة ٌ بِالعِيّ بَلْ هُوَ جَاهِلُ
وإنْ كانَ ذا شرٍّ فويلٌ لأمهِ   ***لِمَا عَنْهُ يَحْكِيَ مَنْ تَضُمُّ المَحَافِلُ
وإنْ كانَ ذا أصلٍ يقولونَ إنما  ***يفاخرُ بالموتى وما هوَ زائلُ
وَإِنْ كَان مَجْهُولاً فَذَلِكَ عِنْدَهُمْ  ***كبيضِ رمالٍ ليسَ يعرفُ عاملُ
وإنْ كانَ ذا مالٍ يقولونَ مالهُ منَ السـ  ***حْتِ قَدْ رَابَى وَبِئْسَ المَآكِلُ
وإنْ كانَ ذا فقرٍ فقدْ ذلَّ بينهمْ  *** حقيراً مهيناً تزدريهِ الأراذلُ
وإنْ قنعَ المسكينُ قالوا لقلة ٍ  ***وشحة ِ نفسٍ قدْ حوتها الأناملُ
وإنْ يكتسبْ مالاً يقولوا بهيمة ٌ  ***أَتَاهَا مِنَ المَقْدُورِ حَظٌ وَنَائِلُ
وَإِنْ جَادَ قَالُوا مُسْرِفٌ وَمُبَذِّرٌ  ***وإنْ لمْ يجدْ قالوا شحيحٌ وباخلُ
وإنْ صاحبَ الغلمانَ قالوا لريبة ٍ  ***وإنْ أجملوا في اللفظِ قالوا مباذلُ
وَإِنْ هَوِيَ النِّسْوَانَ سَمَّوهُ فَاجِراً  *** وَإِنْ عَفَّ قَالُوا ذَاكَ خُنْثَى وَبَاطِلُ
وَإِنْ تَابَ قَالُوا لَمْ يَتُبْ مِنْهُ عَادَة ٌ  *** ولكنْ لإفلاسٍ وما ثمَّ حاصلُ
وإنْ حجَّ قالوا ليسَ للهِ حجهُ  *** وَذَاكَ رَيَاءُ أَنْتَجَتْهُ المَحَافِلُ
وَإِنْ كَانَ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ لاَعِباً  ***ولاعبَ ذا الآدابِ قالوا مداخلُ
وإنْ كانَ في كلِّ المذاهبِ نابزاً  ***  وَكَانَ خَفِيفَ الرُّوحِ قَالُوا مُثَاقِلُ
وَإِنْ كَانَ مِغْرَاماً يَقُولُونَ أَهْوَجُ  *** وإنْ كانَ ذا ثبتٍ يقولونَ باطلُ
وإنْ يعتللْ يوماً يقولوا عقوبة ٌ  *** لشرِّ الذي يأتي وما هوَ فاعلُ
وَإِنْ مَاتَ قَالُوا لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهِ  *** لما هوَ منْ شرِّ المآكلِ آكلُ
وما الناسُ إلاَّ جاحدٌ ومعاندٌ  ***  وذو حسدٍ قدْ بانَ فيهِ التخاتلُ
فلا تتركنْ حقاً لخيفة ِ قائلٍ  *** فإنَّ الذي تخشى وتحذرُ حاصلُ

يمكنكم تحميل الديوان من هنا الرابط , فاللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء و شماتة الأعداء
و هذه كتب قيمة يستعان بها إن شاء الله تعالى على تنفيس الغمة وتفريج الكربة عن أهل الغربة أهديها لكم :
أولها كتاب الغرباء للحافظ ابي بكر الآجري / رابط تحميله 
وأبحاث في الغربة وأهلها لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشاطبي رحمهم الله, جمعها سليم الهلالي وحققها في رسالة : الغربة والغرباء / رابط تحميله 
وكتاب كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله/ رابط تحميله 
وكشف اللثام عن طرق حديث غربة الإسلام للشيخ عبد الله بن يوسف الجديع / رابط تحميله 
وخطبة بليغة بعنوان : كشف الكربة عن أهل الغربة للشيخ سلطان العيد حفظه الله رابط من هنا 
نفعكم الله بما فيها من العلم والحكمة , وفرج عنا وعنكم كرب الدنيا والآخرة, آمين 

تفسير وبيان: السالمية: فرقة من الزهاد والصوفية تنسب لابن سالم البصري, قال الصفدي في الوافي 8 / 12 :أحمد بن محمد بن سالم أبو الحسن البصري الصوفي ابن الصوفي المتكلم صاحب المقالة السالمية, له أحوال ومجاهدة وأتباع ومحبون, وهو شيخ أهل البصرة في زمانه, عمر دهرا وأدرك سهل بن عبد الله التستري أخذ عنه وبقي إلى الستين والثلاثمائة . اهـ, وقال الذهبي في ترجمته من السير 16 / 273: له أصحاب يسمون السالمية، هجرهم الناس لألفاظ هجنة أطلقوها وذكروها.اهـ, وللإمام القاضي أبي يعلى البغدادي محمد بن الحسين الفراء كتاب: (الرد على السالمية والمجسمة), ذكره في السير 18/91

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق