بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الخميس، 10 يناير 2013

186- لا يهلك على الله إلا هالك

محمد بن هشام بن عوف التميمي أبو محلم الشيباني السعدي اللغوي [ت 245 أو 248 هـ ]


قال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى، حدثنا الحسين بن يحيى، قال: رأى الواثق بالله في منامه كأنه يسأل الله الجنة، وأن يتغمده برحمته، ولا يهلك بما هو فيه؛ وأن قائلا قال له: لا يَهْلِكُ على الله إلا من قلبه مَرْتٌ
فأصبح فسأل الجلساء عن ذلك، فلم يعرفوا حقيقته، فوجه إلى أبي محلم فأحضره، فسأله عن الرؤيا والمرت
فقال أبو محلم. "المرت" من الأرض: القفر الذي لا نبت فيه, فالمعنى على هذا: لا يهلك على الله إلا من قلبه خالٍ من الإيمان خُلُوَّ المرت من النبات
فقال الواثق: أريد شاهدا من الشعر في "المرت"، فأفكر أبو محلم طويلا، فأنشده بعض من حضر بيتا لبعض بني أسد:

ومرت مرورات يحار بها القطا ... ويُصبح ذو علم بها وهو جَاهِل

فضحك أبو محلم, ثم قال للذي أنشده: ربما بَعُدَ الشيءُ عن الإنسانِ وهو أقربُ إليه مما في كُمِّهِ، والله لا تَبْرَح حتى أُنْشِدُكَ، فأنشد للعرب مائة بيت معروف لشاعر معروف، في كل بيت منها ذكر "المرت"
فأمر له الواثق بألف دينار، وأراده لمجالسته، فأبى أبو محلم.

المصدر : [ بغية الوعاة 1/ 257 ]

قلت - رحم الله والدي-: 
هذا المنام بمعنى حديث شريف, بلفظ: "لا يدخل النار إلا شقي, قيل: يا رسول الله, ومن الشقى ؟, قال: من لم يعمل لله بطاعة, ولم يترك له معصية" أخرجه الإمام أحمد [2/349 ، رقم 8578])، وابن ماجة [4298] عن أبى هريرة, قال البوصيرى: هذا إسناد فيه ابن لهيعة وهو ضعيف .
قال السندي في "شرحه": قوله: (من لم يعمل بطاعة الله) أي: ما عمل عملا من حيث إنه طاعة فما أطاعه قط, (ولم يترك له معصية) أي: ما ترك عملا من حيث كونه معصية له فما ترك معصية قط، بل هو مديم في جميع المعاصي حكما إذ ما ترك شيئا منها لكونه معصية وإن الذي تركه فإنما تركه بسبب آخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق