بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الجمعة، 30 نوفمبر 2012

132- بين جرير والفرزدق

[ قال الربعي ]: حدثنا محمد بن يونس، ثنا الأصمعي قال: حدثني أبي قال: 
رأى رجلٌ في المنام جرير بن الخطفي، فقال: ما فعل بك ربك؟ , قال: غفر لي, قال: بماذا؟ , قال: بتكبيرةٍ كبرتُها لله عز وجل على ظهر ماءٍ بالبادية، قال: فقلت: ما فعل أخوك الفرزدق؟ , قال: ايهاه، أهلكه قذف المحصنات.
قال الأصمعي: لم يَدَعْهُ في الحياة ولا في الممات.

المصدر: [ منتقى من أخبار الأصمعي للربعي ص 15 رقم 57]

قلت - رحم الله والدي-:
قوله: لم يَدَعْهُ, أي من التعرض له, وذلك لما كان بينهما مما هو مشهور من المنافرة والمعارضة, ونقائضهما الشعرية معروفة, وهي في ديوان مطبوع / رابط تحميله: الجزء1 / الجزء2
وقد رئي للفرزدق -غفر الله له- منام حسن غير هذا الذي رآه جرير, فقد أخرج الحافظ أبو نعيم في منتخب من كتاب الشعراء [ص 33]: قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة, ثنا محمد بن إسحاق, حدثني محمد بن زكريا, حدثني إبراهيم بن عمر بن حبيب العدوي, حدثني أخي محمد بن عمر بن حبيب, عن سفيان بن عيينة, عن لبطة بن الفرزدق, قال: رأيت أبي في النوم, فقلت: ما فعل الله بك؟ ,قال: نفعني يوم لاقيت الحسن في الجنازة.
ويوم الحسن وهو البصري -رحمه الله- أخرجه أيضا أبو نعيم في المنتخب [ص 32]: حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم, وثنا أبو روق, ثنا الرياشي, ثنا أبو عبيدة, قال: شهد الفرزدق جنازة أبي رجاء العطاردي, وفيها الحسن بن أبي الحسن, فلما دفن أبو رجاء والفرزدق جالس على شفير القبر- قال الحسن: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة.
وأخرجه بلفظ مطول الشجري في الأمالي الخميسية [1 /35/ رقم 110] قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان، قال: حدثنا إسحاق بن حكيم، قال: حدثنا أبو سفيان الغنوي، قال: حدثني محمد بن موسى الشيباني، قال: حدثنا عمار بن عطية التغلبي، عن أبان بن أبي عياش، قال: خرجنا في جنازة النوار بنت أعين بن ضبيعة، وكانت تحت الفرزدق، وقد كان الحسن فيها، فلما صرنا في الطريق، قال الفرزدق: يا أبا سعيد، ما يقول الناس؟ , قال: ما يقولون ؟، قال: يقولون في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، قال: ومن هو؟ قال: يقولون أنت خير الناس, وأنا شر الناس، قال الحسن: لست بأخير الناس, ولا أنت بأشر الناس، قال: فلما صلينا قام الحسن على شفير القبر فقال: يا أبا فراس، ما أعددت لهذا المضجع؟ , قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ بضع وسبعين سنة, فقال الحسن: خذوها من غير فقيه, ثم تنحى فجلس ناحية, وأحدق الناس به، فجاء الفرزدق يتخطى رقاب الناس حتى قام بين يدي الحسن, فأنشد شعرا:

أخاف وراء القبر إن لم يعافني ... أشد من القبر التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد ... عنيد وسواق يقود الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى النار مغلول القلادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلا ... سرابيل قطران لباسا محرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم ... يذوقون من حر الصديد تمزقا
قال: فلقد رأيت الحسن قد ثنى قميصه على وجهه ينحب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق