بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين, وعلى آله الطيبين الطاهرين , وصحبه البررة الأكرمين, أما بعد: فهذه سلسلة مباركة سميتها: فاكهة المجالس وتحفة المؤانس , أعرض فيها ما انتقيته واخترته لكم من فوائد ونكت علمية , وطرائف وأخبار أديية , اقتطفتها من بطون الكتب والتواريخ والطبقات والتراجم ,وسأعلق على بعضها بما فتح الله تعالى علي من زيادة تعريفات , وتوضيح مبهمات , وتفسير مجملات , وذكر طبعات الكتب المصنفات, لتكمل الفائدة والاستفادة, وستكون تعليقاتي باللون الأزرق, مفتتحة بقولي: قلت , والله تعالى المسؤول أن يحلها في قلوبكم وأنظاركم محل القبول والرضى , وأن يعينني على إكمالها وإتمامها , وأن يبارك فيها وينميها , وينفع بها كثيرا من عباده المؤمنين, آمين / كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله ولوالديه

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

102- فتيا فقيه العرب

الحريري أبو محمد القاسم بن علي بن محمد العلامة البارع ذو البلاغتين أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان البصري، الحرامي الحريري صاحب (المقامات)


[قال ابن الصلاح رحمه الله]: كانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب، وَذَلِكَ بَين من " مقاماته " فِي فتاوبه الَّتِي ضمنهَا المقامة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ مِنْهَا، ناسباً لَهَا إِلَى فَقِيه الْعَرَب، وَإِنَّمَا فَقِيه الْعَرَب عبارَة عَن عَالم الْعَرَب وَلَيْسَ عبارَة عَن شخص معِين
فَذكر من فَتَاوِيهِ قَالَ: أَيجوزُ بيع الْخلّ بِلَحْم الْجمل؟ قَالَ: لَا، وَلَا بِلَحْم الْحمل، قَالَ الحريري: الْخلّ: ابْن الْمَخَاض، وَلَا يحل بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ سَوَاء كَانَ من جنسه أَو غير جنسه.
وَقَالَ أَيْضا: قَالَ: مَا يجب على المختفي فِي الشَّرْع؟ , قَالَ: الْقطع لإِقَامَة الردع، المختفي: نباش الْقُبُور.
وَقَالَ: قَالَ: أينعقد نِكَاح لم يشهده القواري، قَالَ: لَا , والخالق الْبَارِي: القواري: الشُّهُود، لأَنهم يقرونَ الْأَشْيَاء، أَي: يتبعونها.
فَهَذِهِ أجوبة شَافِعِيّ لَيْسَ غير، لمُخَالفَة الأول لمَذْهَب أَحْمد، فَإِنَّهُ يجوز بِغَيْر الْجِنْس، وَالثَّانِي لمَذْهَب أبي حنيفَة، وَالثَّالِث لمَذْهَب مَالك رضى الله عَنْهُم.

المصدر: [ طبقات الفقهاء الشافعية 2/ 663 ]

قلت -رحم الله والدي- : 
ذكر نحوه ابن شهبة في طبقاته2 /663, وزاد مبينا: فهذه أجوبة شافعي ليس غير، لمخالفة الأول لمذهب أحمد، فإنه يجوز بغير الجنس، والثاني لمذهب أبي حنيفة، والثالث لمذهب مالك رضى الله عنهم.اهـ
وكتاب: فتيا فقيه العرب للعلامة أبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي المالكي المذهب/ت 395 هـ, قال عنه السبكي في طبقاته 3 /455: جزء لطيف, يرويه الخطيب البغدادى عن القاضى أبى زرعة روح بن محمد الرازي عن ابن فارس ,اهـ طبع بتحقيق: د. حسين علي محفوظ ضمن مجلة المجمع العلمي العربي دمشق الجزء 1 المجلد 33 / تحميل الكتاب
وقال السيوطي في المزهر 1 /480 : في فتيا فقيه العرب: الفصل الثالث في فتيا فقيه العرب, وذلك أيضاً ضربٌ من الألغاز, وقد ألَّف فيه ابن فارس تأليفاً لطيفاً في كرّاسة، سماه بهذا الاسم، رأيتُه قديماً، وليس هو الآن عندي
فنذكر ما وقع من ذلك في مقامات الحريري، ثم إن ظَفِرت بكتاب ابن فارس ألحقتُ ما فيه: قال الحريري في المقامة الثانية والثلاثين: قال الحارث بن همّام: أَجْمَعْتُ حين قضيتُ مَناسِكَ الحج
وفي شرح المنهاج للكمال الدميري: سئل فقيه العرب عن الوضوء من الإناء المُعوَّج، فقال: إن أصاب الماء تَعْويجه لم يَجُز، وإلاَّ جاز. والمراد بالمعُوَّج المضبّب بالعاج، وهو ناب الفِيلة، ولا يُسَمى غيرها عاجاً.
قال: وليس مراد ابن خالويه والحريري بفقيه العرب شخصاً معيَّناً، إنما يذكرون ألغازاً ومُلَحاً ينسبونها إليه، وهو مجهول لا يُعرف، ونَكِرَة لا تتعرّف
خاتمة: في كتاب المقصور والمدود لابن السكِّيت: قال أبو عبيدة : قال فقيهُ العرب: من سرّه النَّسَاء ولا نَسَاء فليُكْرِ العِشاء، وليباكر الغداء، وليخفّف الرِداء، وليقل غِشيان النساء.
وعبارة التبريزي في تهذيبه: قال فقيه العرب، وهو الحارث بن كلدة ، وعبارة غيرهما: قال طبيب العرب - وهو المشهور - فأطلق على طبيب العرب، لاشتراكهما في الوصْف بالفَهم والمَعرفة، ولهم ساجع العرب ينقل عنه ابنُ قتيبة في كتاب الأنواء بهذا اللفظ، واللَّه أعلم بالصواب. اهـ
وقد عثرث في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء 1 /165 على هذا النقل المفيد , قال :
رُوِيَ بعض هَذِه الْكَلِمَات عَن الْحَرْث بن كلدة وفيهَا : من سره النِّسَاء وَلَا نسَاء, فليكر الْعشَاء, وليباكر الْغَدَاء, وليخفف الرِّدَاء, وَليقل غشيان النِّسَاء
وَمعنى : [ فليكر [: يُؤَخر , وَالْمرَاد بـ: الرداء : الدّين , وَسمي الدّين رِدَاء لقَولهم: هُوَ فِي عنقِي, وَفِي ذِمَّتِي, فَلَمَّا كَانَت الْعُنُق مَوضِع الرِّدَاء سمي الدّين رِدَاء
وَقد رُوِيَ من طَرِيق آخر وَفِيه: وتعجيل الْعشَاء , وَهُوَ أصح, وروى أَبُو عوَانَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ : قَالَ الْحَرْث بن كلدة: من سره الْبَقَاء وَلَا بَقَاء, فليباكر الْغَدَاء, وليعجل الْعشَاء, وليخفف الرِّدَاء, وَليقل الْجِمَاع
وفي تاج العروس (39 / 390): أكرى العشاء: أخره, وكذلك غير العشاء, وأنشد الجوهري للحطيئة:

وأكريت العشاء إلى سهيل *** أو الشعرى فطال بي الأناء

قيل: هو يطلع سحرا, وما أكل بعده فليس بعشاء؛ يقول: انتظرت معروفك حتى أيست؛ كما في الصحاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق